هي احتجاجهم ببعض أقوالٍ لأحد العلماء جاء فيها ما معناه أن لا فائدة بذكر الديار لأنّ المسلم معصوم الدم والمال أينما كان سواء كان في دار الكفر أو في دار الإسلام.

أقول: حاول بعضهم أن يتّخذ من مثل هذا الكلام مغارة يلتجئ إليها من جيوش الأدلّة الموجّهة إليه، والتي لا قبل له بردّها، فاحتجّ بمثل ذلك  لتبرير موقفه المنحرف عن الحقّ. إنّ هذا القول لا يعارض صحة تقسيم الديار إلى ديار كفر وديار إسلام، ولكنّه يُبيّن أنّه عند الحديث عن عصمة دم المسلم وماله فلا حاجة إلى ذكر داره، فإنّه معصوم الدم والمال على كل حال سواء كان في دار الإسلام أو كان في دار الكفر وهذا ما نعتقده وندين الله به.

ولكن هل قال أحد العلماء المأمونين: أن لا فرق بين الديار التي تجري عليها أحكام الكفر والتي تجري عليها أحكام الإسلام، وأن لا هجرة من أحدها إلى الأخرى، وأنّ طاعة أمراء الدارين واجبة وأنّ القتال تحت رايتهم واجبةٌ..؟؟ هل قال هذا مسلمٌ عاقلٌ فضلاً عن عالم .. إنّه لم يقل ذلك إلاّ الذين هان عليهم أمر دينهم من مرجئة العصر وجهميتها.